المستخلص:
يعاني العراق في السنوات الأخيرة من شحة مائية بسبب قله الاطلاقات المائية في نهري دجلة
والفرات نتيجة تخفيضها من قبل دول المنبع مثل تركيا وايران حيث بلغت الإيرادات المائية في عام
2022 حوالي 25.5 مليار متر مكعب بعد ان كانت تص ل الى حوالي 93 مليار متر مكعب في السنوات
السابقة وكذلك التغيرات المناخية المصاحبة والنمو السكاني المتزايد كل هذه العوامل وغيرها أدت
الى شحة المياه في العراق مما يتطلب العمل على إيجاد إدارة للمياه تعمل بشكل صحيح مع اشراك
جميع أصحاب المصلحة في اتخاذ القرارات اللازمة ورسم السياسات الزراعية الملائمة والاستفادة
من مفاهيم البصمة المائية لتحديد أي المحاصيل التي يمكن زراعتها والتي تحتاج الى كميات قليلة من
المياه ولها مرود اقتصادي جيد ولا يتعار ض مع مستوى الاكتفاء الذاتي كذلك استخدام تجارة المياه
الافتراضية لتعزيز الامن المائي والغذائي وتحقيق التنمية المستدامة في القطاع الزراعي. لذا هدفت
الدراسة الى بيان الوضع الحالي لموارد المياه المتاحة واستخداماتها في العراق ودراسة تطور
مؤشرات التنمية الاقتصادية بواسطة نموذج قياسي مع التعرف على البصمة المائية لبعض المحاصيل
الزراعية لتحديد الأكثر ملائمة للظروف الحالية مع تقييم شحة المياه للفترة المستقبلية باستخدام
منهجية بوكس – جينكنز ) Box - Jenkins ( وتقدير المياه الافتراضية للمحاصيل المدروسة لتعزيز
الامن المائي والغذائي. ونظمت هيكلية الدراسة من مقدمة وأربعة فصول، اهتم الفصل الأول بمنهجية
البحث والدراسات السابقة اما الثاني فتناول الإطار النظري للإدارة المتكاملة للموارد المائية وادواتها،
بينما اهتم الفصل الثالث بواقع الموارد المائية في العراق وانتاجية بعض المحاصيل، وكرس الفصل
الرابع للإدارة المتكاملة للموارد المائية وحسابات البصم ة المائية والمياه الافتراضية للمحاصيل
المدروسة للمدة ) 2000 – 2022 ( في العراق. وقد اظهر البحث عدد من النتائج لعل أهمها هي
مؤشرات التنمية الاقتصادية في العراق فقد تم استخدام معيار الناتج الزراعي والذي يشير الى ان
ارتفاعه يدل على فاعلية التنمية الزراعية وتحسن مستوى الناتج الزراعي حيث بلغ أدنى قيمة له
مقدارها 2.8 % في عام 2018 اما اعلى قيمة فكان مقدارها 8.6 % في عام 2002 . كذلك معيار
نصيب الفرد من الناتج الزراعي حيث كلما كانت قيمته مرتفعة دل على تحسن حالة الفلاح او المزارع
أي ان هناك تطور وتحسن في التنمية الزراعية حيث بلغت أدنى قيمة 94413 دينار في عام 2003
اما اعلى قيمة فكان مقدارها 371722 دينار عام 2013 . اما معيار نصيب الفرد السنوي من المياه
ويعكس هذا المعيار مقدار الموارد المائية المتاحة لكل فرد وكلما ارتفع دل على تحسن في الامن
المائي للبلد حيث كانت أدنى حصة مائية سنوية للفرد مقدارها 603.6 م 3 في عام 2022 اما اعلى
حصة مائية سنوية للفرد كانت عام 2003 حيث بلغت 2774.8 م 3 علما ان متوسط نصيب الفرد
العالمي هو 1000 م 3 / سن ة لذلك في السنوات الأخيرة يعيش الفرد العراقي فقر مائي. كما تم قياس
أثر شحة المياه على التنمية الاقتصادية الزراعية المستدامة في العراق من خلال بعض المتغيرات
الاقتصادية في انموذج الانحدار المقترح من المعادلات السلوكية. ومن خلال دراسة مؤشرات التنمية
المستدامة وكذلك النموذج القياسي المقترح والنتائج المتحصل عليها نستطيع القول بان إدارة وتنمية
الموارد المائية وتحسين سبل العيش للجيل الحاضر والمستقبل وحصوله على مياه شرب امنة وتعزيز
الامن الغذائي بواسطة الامن المائي والمحافظة على مستويات المعي شة يتطلب برنامج وطني لتنمية
الموارد المائية وتطوير البنية التحية لإمدادات المياه باعتبار ان المياه ارث من الحاضر للأجيال
القادمة وعلية يتطلب إدارة متكاملة للموارد المائية في العراق مما يجعل دور الحكومة رئيس في
التنسيق الفعال في الإدارة العابرة للحدود. ان التغيرات المناخية والزيادة السكانية المشار اليها
تفرضان واقع جديد يتطلب استخدام المياه بصورة اكثر رشادة مما يدفع الى استخدام أساليب حديثة
في قياس كميات المياه التي تحتاجها المحاصيل الزراعية، لذا يعد مفهوم البصمة المائية اكثر واقعية
للركون الية واستخدامه في تحديد المحاصيل التي تزرع من عدمها، كما ان انخفاض الكميات المائية
المحلية يؤدي الى زيادة الاعتماد على مصادر المياه الخارجية وفي نفس الوقت فان زيادة الاعتماد
على المياه الخارجية يمكن ان يؤثر ذلك على الاقتصاد المحلي والامن المائي أي ان لها اثار تبادلية
بحيث تتأثر جميع الأطراف ببعضها البعض ويمكن أن يؤدي إلى تغيرات في استراتيجيات إدارة المياه
والسياسات البيئية والاقتصادية . ولتحديد المحاصيل الملائمة لظروف العراق يتطلب مراعاة استدامة
الموارد المائية وتحقيق الأ من الغذائي بطرق فعالة ومستدامة دون المساس بسيادة البلد التي تتطلب
ان يكون انتاج بعض المحاصيل قريب نسبيا من الاكتفاء الذاتي لذا يفضل التوسع في زراعة محصول
القمح بالرغم من ان بصمتة المائية اعلى من الشعير ولكنه محصول إستراتي جي يرتبط بمعيشة غالبية
الافراد عكس الشعير والذرة الصفراء حيث يمكن تجاوز هذان المحصولان وزيادة الكميات المستوردة
منهما اما الرز فان بصمته المائية كبيرة جدا وكذلك فانه يعتمد اعتمادا كليا على المياه الزرقاء لذلك
يمكن حصر زراعته في مناطق محدودة وبمساحات قليلة جدا للمحافظة على الأصناف العراقية